سلاح القسام الذي يحبه مدفع الهاون “صياد لجنود الاحتلال الإسرائيلي”
أثناء العملية البرية على غزة، نشرت كتائب القسام مقاطع فيديو تظهر استخدام مقاتليها مدفع الهاون في استهداف فِرَق جنود الاحتلال ومعداتهم العسكرية، التي تتقدم حاليًا داخل غزة في محاولة لقطعها إلى شمال وجنوب.
في نوفمبر/تشرين الثاني، قامت القسام أيضًا بنشر مشاهد لتكتيك منظم من جنود سلاح المدفعية القسامي الذين استمروا في قصف القوات العدو المتسللة والتي تجمعت بمئات القذائف من مدفع الهاون.
منذ اللحظة الأولى التي تقدمت فيها قوات الاحتلال بغزو بري في غزة، كانت قذائف الهاون الصديقة للقسام تلعب دورًا أساسيًا، وعلى الرغم من توفر أسلحة أخرى فعالة بالفعل لدى جنود المقاومة مثل قذائف الياسين والكورنيت والعبوات الناسفة وغيرها، فإن قذائف الهاون تتمتع بميزة فريدة جدًا بالنسبة للمقاومة، حيث تكون بديلًا للمدفعية عند المسافات القصيرة.
يوفر الهاون، المدفع البسيط في نموذجه الأساسي، إطلاق نيران تكتيكية، ويمكن نقله بسهولة.
يتميز بماسورة قصيرة تصل إلى حوالي متر واحد، كما يظهر في الفيديوهات التي بثتها المقاومة. يمكن تحميل القذائف من فوهة الهاون وإطلاقها فوراً لأهداف بعيدة.
يعتبر تحفة فنية إضافية في مجال الحرب، حيث استُخدم لأول مرة في عام 1453 من قبل العثمانيين.
كانت حينها تلك الأجهزة ضخمة وتزن حوالي 4-5 أطنان، وكانت قادرة على إطلاق قذائف تصل وزنها إلى 100 كيلوغرام. منذ ذلك الوقت وحتى الآن، أصبح الهاون رفيقاً للجنود طوال التاريخ، ولا يتوقع أن يصبح منسياً قريبًا، بل على العكس تماماً.
مدفع الهاون هو بسيط وقوي وقاتل
يكمن سر قوة الهاون في بساطة فكرته وطريقة عمله. كما يمكن ملاحظته في الفيديوهات التي تظهر القسام، يتكون الهاون من أنبوب مائل يعتمد على صينية دائرية معدنية من الأسفل.
يتم تثبيت حامل ثنائي تقريبًا في منتصف الأنبوب، ويتم تشغيل السلاح عن طريق وضع القذيفة في الأنبوب.
تتواجد شوكة في الجزء السفلي من الأنبوب تعمل كقادح وتشعل فتيل القذيفة، مما يجعلها تطلق نحو الهدف على الفور.
من أجل تحديد موقع الهدف بدقة، يتم ضبط امتداد الأنبوب الرئيسي، حيث يحمل نوعًا من المناظير التي تستخدمها المقاتلون لتحديد الهدف وفي نتيجة ذلك يتم ضبط زاوية امتداد الأنبوب.
بالإضافة إلى ذلك، قد يقوم مقاتل آخر باستخدام منظار أو ميزان مسح للمساعدة في تحديد الهدف وتتبع الضربات لتعديل زاوية ارتفاع الأنبوب بشكل يقربه أو يبعده عن المسافة.
تتميز الصينية المعدنية الدائرية في أسفل الهاون بأنها تحفر عادة في الأرض، وتصمم خصيصًا لامتصاص الصدمة الارتدادية الناتجة عن إطلاق الصواريخ. يمكن للفرد استخدام الهاون لإطلاق ما يصل إلى 30 قذيفة في الدقيقة، وبزيادة عدد الهاونات، يمكننا تخيل كمية القذائف التي يمكن أن تطلقها وحدة هاون بسيطة تضم 10 إلى 15 مقاتلاً، بالإضافة إلى فريق الإدارة والرصد.
كيف يفيد الهاون كتائب القسام؟
فلنبدأ أولا بتوضيح أن الهاون يتمتع بعدة أعيرة (3)، والعيرة هي قطر الجزء الذي ينطلق من القنبلة لتصيب الهدف، وهذا القطر هو في الأساس قطر الأنبوب الرئيسي للهاون.
من خلال ملاحظتنا لمقاطع الفيديو التابعة للقسام، يتضح أنهم يستخدمون نوعين على الأقل من مدافع الهاون، الأول له قطر 82 ملم، والثاني له قطر 120 ملم.
وهذا يعني أن لدى القسام مدفعيتين على الأقل؛ الأولى تصل مداها الأقصى إلى 5.5 كيلومترات، والثانية أكبر قليلاً وتصل مداها إلى 7.5 كيلومترات.
ولكن إلى جانب المدى الأقصى لمدفع الهاون، تعد حدود استخدامه في المدى الأدنى مدهشة، حيث يصل فقط إلى 75 أو 100 متر، وهذا يعكس أول فوائد هذا النوع من الأسلحة لكتائب القسام.
فالهاون يعتبر سلاح مدفعية ممتاز في حالة وجود مسافات قصيرة التي لا يمكن للمدفعية التقليدية الوصول إليها، وهذا يعني أنه يكون فعالًا بشكل أساسي في حالة الهجوم البري حيث تكون المسافة بين المهاجم (الاحتلال) والمدافع (المقاومة) قصيرة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك نقطة أخرى لا تتوفر في القوات المسلحة التقليدية، وهي أن زاوية انحناء مسار القذيفة المطلقة من المدفع الهاون تكون عادةً مرتفعة (بقيمة 4) وأكبر من 45 درجة، مما يسمح لقذائف المدفع الهاون بإصابة الجنود والمركبات المتحصنة في الخنادق والمناطق المنخفضة أو في أطلال الأبنية؛ نظرًا لأن القذيفة تأتي من الأعلى.
بيانات مدفع الهاون
لاحظ أنه يمكن ان تكون هنالك تفاوت في اجاباتنا وقد يكون هنالك تفسيرات اخرى غير الاجاباتنا
مع كل هذا، لم نتطرق إلى فوائد المدافع الهاون الأخرى مثل سهولة النقل وحرية التنقل دون الحاجة إلى دعم لوجستي.
في النهاية، لا يمكنك حمل مدفع هاون على ظهرك إلى موقع إطلاق النار، على سبيل المثال. بالإضافة إلى ذلك، المدافع الهاون سهلة الاستخدام وتتم عملية الإطلاق بسرعة.
والأكثر أهمية هو أن مدى قذائف الهاون وتشريحها واسع، فإذا سقطت قذيفة من عيار 82 ملم على الأرض، فإن شظاياها تصل بفعالية إلى مساحة تصل إلى 250 مترا مربعا، وتصل إلى 650 مترا مربعا في حالة قذائف عيار 120 ملم.
حرب غير متكافئة
قذائف الهاون تمنح القوات القدرة على تقديم دعم ناري فوري دقيق، وتعتبر هذه ميزة للمدفعية قصيرة المدى والخفيفة الوزن مقارنةً بدول العالم جميعها تقريبًا.
تستخدم وحدات المشاة قذائف الهاون والقنابل اليدوية، في حين يتم نشر القطع الميدانية مثل مدافع الهاوتزر في وحدات مستقلة.
ومع ذلك، في الحرب الحضرية، التي تعطي الأفضلية للدفاعي على الهجوم بفضل وجود الدفاعي داخل التضاريس التي تسمح له بالاستتر وصيد الجانب الآخر، يكون المدفع الهاون مناسبًا بشكل خاص للقوات غير النظامية، التي تواجه القوات النظامية في حرب غير متكافئة، وهو نوع من الحروب التي يكون فيها المتحاربون غير متكافئين من حيث القوة.
وكما تلاحظ، تمتلك قوات الاحتلال معدات عسكرية متطورة مثل الطائرات والدبابات والمدافع والجنود وتقنيات عالية تتفوق على المقاومة التي تم منعها من الحصول على السلاح لسنوات طويلة بجميع السبل الممكنة.
قوة كتائب القسام الضاربة
ولكن هذا لا يعني أن أي جيش يمكنه الفوز فقط بفضل تفوقه التقني، لأنه في الحروب غير المتكافئة من هذا النوع يمكن للجانب الأضعف تقنيا اللجوء إلى تكتيكات غير تقليدية تعطيها الأفضلية في ساحة المعركة، مثل استخدام استراتيجيات الهروب والتخفي، أو اختيار المعارك، أو استخدام أسلحة أرخص ولكنها فعالة للغاية في نطاق عملي محدد بحيث يتم تحقيق توازن القوى مع التقنيات الأكثر تكلفة.
وفي هذه النقطة بالتحديد، يظهر قوة قسام الضاربة، حيث يستخدمون قذائف الياسين المطلقة من قاذفات رخيصة نسبياً ضد الدبابات والمدرعات المتقدمة والغالية التكلفة، التي تتغلب على تضاريس قطاع غزة الحضرية.
يستطيعون بناء كمائن متينة باستخدام العبوات الناسفة المحلية الصنع لضرب القوافل العسكرية المتحركة، أو وضعها مباشرة على المركبات العسكرية.
يقومون أيضاً برمي قنابل يدوية ذات تكلفة منخفضة من مظاهرات تجارية رخيصة، وبذلك يجعلون الأرض كابوساً للجنود الإسرائيليين، فيجبرونهم على الخروج من المركبات ليتعرضوا للخطر وصيد الجنود الاحتلال.
في هذا النوع من الحروب، من الصعب على القوات النظامية تحقيق النصر بسهولة.
هذا بسبب عدم وجود اشتباكات مباشرة بين الجانبين وعدم حساب النصر بعدد القتلى.
ومع ذلك، هناك دائمًا خلفية حرب سياسية ونفسية ينفذها المقاومة للضغط على صُنَّاع القرار في دولة الاحتلال. وكلما استمرت المعركة وزادت الخسائر في الجيش وتأثرت اقتصاد الاحتلال، زادت فُرُص النصر للطرف الأضعف تقنيًا.
وهنا مثلاً، تكون مقاطع الفيديو التابعة للقسام جزءًا هامًا من هذه المعركة وتعد سلاحًا قويًا لنشر خسائر العدو.
مدافع الهاون تأتي في هذا السياق لدعم جنود المقاومة الذين يفتقرون إلى وحدات مدفعية متطورة، وتكون قوتها هائلة حيث تكفي أن تقرر قوات الاحتلال المضي قدما والاقتراب منهم قريبا، وبالتالي تصبح تلك القطعة البسيطة قصيرة المدى التي تعرف بـ “مدفع الفقراء”، مشتقة من مدفع هاوتزر، ورغم اختلاف التقنية في القوة والدقة بينهما.
هنا غزة من فلسطين المحتلة.